• استكشف مقالاتنا المفيدة للأمهات

  • اطفال طيف التوحد ومعاناة الامهات

    يعيش أطفال طيف التوحد في عالم مختلف التفاصيل، عالم قد يبدو للآخرين بسيطًا ولكنه مليء بالتحديات بالنسبة لهم. فالأصوات تكون أعلى مما نتصور، واللمس قد يكون مؤلمًا، والضوء يزعجهم، والكلمات يصعب خروجها في الوقت المناسب. وفي هذا العالم الذي يحتاج إلى الكثير من الفهم والرفق، تقف الأم في المقدمة، تحمل عبء الرحلة بصبر ومحبة لا تنتهي.

    منذ لحظة التشخيص تبدأ حياة جديدة تمامًا بالنسبة للأم. أفكار كثيرة تراودها: ماذا يعني التوحد؟ ماذا أفعل الآن؟ هل أخطأت في شيء؟ ثم تتلاشى هذه الأسئلة تدريجيًا وتظهر قوة دفينة داخلها، قوة تجعلها تقرأ وتتعلّم وتخوض التجربة بكل ما فيها. هي لا تختار هذه الطريق، لكنها تمشيها بقلب لا يخاف من أجل طفلها.

    تعيش الأم مع طفلها تفاصيل دقيقة قد لا يلاحظها الآخرون. نوبة بكاء غير مفهومة، رفض للطعام، صعوبة في التواصل، حساسية من الأصوات أو الروائح، خوف من التغيير. كل هذه المواقف تتكرر بشكل يومي، ومع كل موقف تحاول الأم أن تكون هادئة، مرنة، وأن تبحث عن طريقة تسهّل على طفلها فهم العالم من حوله. كثيرًا ما تبكي بصمت، لكنها تعود وتمسح دموعها لتكمل اليوم بقوة جديدة.

    أصعب ما تواجهه الأمهات هو نظرة المجتمع. فبدلًا من الدعم، تجد في بعض الأحيان أحكامًا جاهزة وأسئلة مؤلمة وتعليقات لا تُراعي مشاعرها ولا حالة طفلها. هذا النوع من الضغط يضيف همًّا فوق همّ، ويجعل الأم تشعر بأنها تخوض المعركة وحدها. ومع ذلك، تستمر. تعرف أن طفلها لا يحتاج سوى لقلبها وصبرها، فتمضي في طريق العلاج والبرامج والجلسات والروتين اليومي مهما كان مرهقًا.

    ورغم كل هذه المعاناة، هناك لحظات صغيرة لكنها عظيمة بالنسبة للأم: كلمة جديدة ينطقها طفلها، ضحكة تأتي دون سبب، نظرة عين تشعر فيها أنه يفهم حبها، نجاح بسيط في جلسة علاج، أو حتى يوم مرَّ دون بكاء. هذه الإنجازات قد يراها البعض عادية، لكنها بالنسبة للأم انتصارات تملأ قلبها قوة وأملاً.

    في النهاية، أطفال طيف التوحد ليسوا أقل قدرات، بل هم فقط مختلفون، يحتاجون طريقًا خاصًا يصل إلى قلوبهم ويفهم مشاعرهم. وأمهاتهم هنّ الجسر الذي يعبرون من خلاله إلى الحياة. إنهن بطلات حقيقيات يعملن بصمت، يواجهن الخوف والتعب والقلق، ويقدمن لأطفالهن حبًا صافيًا يلمع وسط كل الصعوبات. ومع كل خطوة يحققها الطفل، تشعر الأم بأن رحلتها ليست سهلة، لكنها تستحق كل لحظة فيها.

    اميرة مهاوش

    اطفال متلازمة الداون

    أطفال متلازمة داون هم أطفال يحملون الكثير من البراءة والدفء وهم جزء مهم من نسيج المجتمع الإنساني متلازمة داون حالة جينية تحدث نتيجة وجود نسخة إضافية من الكروموسوم رقم 21، مما يؤثر على النمو الجسدي والمعرفي بدرجات متفاوتة من طفل لآخر ورغم أنها حالة معروفة طبيًا فإن ما يميزها أكثر من جانبها العلمي هو الجانب الإنساني الذي يكشف عن قدرات وإمكانات كبيرة لدى هؤلاء الأطفال حين يحظون بالحب والدعم والفرص المناسبة.

    تظهر علامات متلازمة داون منذ الولادة، وتشمل ملامح وجه مميزة وتأخرًا بسيطًا أو متوسطًا في النمو الحركي واللغوي ولكن هذه التحديات لا تعني أن الطفل غير قادر على التعلم أو التفاعل بل على العكس فمع برامج التدخل المبكر والعلاج الطبيعي وتنمية المهارات اللغوية والاجتماعية يمكن للطفل أن يحقق تقدمًا ملحوظًا على جميع المستويات ويجمع الخبراء على أن السنوات الأولى هي الأكثر تأثيرًا في رسم مسار تطورهم المستقبلي.

    الأهم من الجانب الطبي هو الدور الإنساني والاجتماعي حول هؤلاء الأطفال. فالأسر التي تحتضن طفلًا من متلازمة داون تكتشف مع الوقت أن التحديات تتحول إلى قوة، وأن النظرة الاجتماعية تتغير حين يكون هناك وعي ودعم كثير من أطفال متلازمة داون يتمتعون بشخصيات مرحة وقدرة عالية على التعبير عن مشاعرهم وعلاقات قوية مع أسرهم والمحيطين بهم كما أن دمجهم في المدارس والأنشطة المجتمعية يفتح أمامهم أبوابًا واسعة للتعلم والتطورويعزز من قبول المجتمع لهم.

    ومع تطور الوعي الصحي والتعليمي، أصبح من الواضح أن نجاح هؤلاء الأطفال لا يعتمد على حالتهم الجينية بل على البيئة التي ينشأون فيها فالدعم المستمر والإيمان بقدراتهم وتوفير خدمات تعليمية وتأهيلية مناسبة كلها عوامل قادرة على تحويل مسار حياتهم بشكل إيجابي.

    في النهاية، أطفال متلازمة داون هم أطفال قبل أي شيء آخر؛ يحتاجون إلى الحب، والاهتمام، والفرص التي تُمنح لجميع الأطفال ورغم أن رحلتهم قد تبدو مختلفة، إلا أنها مليئة بجمال خاص وبقصص نجاح تلهم الكثيرين إنهم تذكير دائم بأن الإنسانية تتسع للجميع وأن الاختلاف ليس ضعفًا بل جزء من التنوع الذي يجعل الحياة أكثر ثراءً وعمقًا.

    اميرة مهاوش